التمويل والقروض البنكية

أرباح البنوك المغربية: كيف تجني أضعاف أرباح البنوك الأوروبية

اكتشف أرباح البنوك المغربية وكيف يتم تحقيقها عبر فروق الفوائد والتحول الرقمي، بينما يعاني الافراد من القروض المرتفعة وحسابات الادخار المجحفة.


1. مقدمة عن قطاع البنوك في المغرب وأهميته الاقتصادية

شهد القطاع المصرفي المغربي نموًا لافتًا في السنوات الأخيرة، حيث تُعد البنوك المغربية من بين الأكثر ربحية في المنطقة العربية وحتى مقارنة بنظيراتها الأوروبية. وفقًا لتقارير اقتصادية حديثة، حققت أرباح البنوك المغربية زيادات سنوية تتجاوز 30%، وهو رقم يفوق بكثير متوسط أرباح البنوك في دول الاتحاد الأوروبي. لكن هذا النجاح المالي يقابله انتقادات واسعة حول آليات تحقيق هذه الأرباح، والتي يعتبرها الكثيرون استغلالًا للمواطنين عبر سياسات ائتمانية وضريبية مجحفة. في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل كيف تُحقِّق البنوك المغربية هذه الأرباح الهائلة، والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليها.


2. مقارنة أرباح البنوك المغربية مع الأوروبية: الأرقام تكشف المفارقة

تشير البيانات الصادرة عن البنك المركزي المغربي ووكالات التصنيف الدولية إلى أن أرباح البنوك المغربية تضاعفت بنسبة 26% إلى 30% خلال عام 2024، بينما لم تتجاوز نسبة نمو أرباح البنوك الأوروبية 10% في المتوسط. على سبيل المثال، حقق بنك “الاتحاد المغربي للبنوك” أرباحًا صافية بلغت 12 مليار درهم (1.2 مليار دولار) في العام الماضي، في حين أن بنكًا أوروبيًا بحجم مماثل مثل “دويتشه بنك” حقق أرباحًا تقدر بـ 800 مليون يورو فقط.
مصادر خارجية:


3. آليات تحقيق البنوك المغربية للأرباح المرتفعة: الفجوة بين الإقراض والادخار

السر وراء أرباح البنوك المغربية يكمن في الفارق الكبير بين سعر الفائدة التي تفرضها على القروض وتلك التي تقدمها على حسابات الادخار. على سبيل المثال، يقترض البنك المركزي المغربي الأموال بفائدة 2.25%، ثم يقرضها للمواطنين بفائدة تتراوح بين 6% و8% للقروض الاستهلاكية والعقارية. هذا الفارق (المعروف بـ “هامش الربح المصرفي”) يضمن للبنوك أرباحًا ضخمة دون مخاطر تذكر، خاصة مع ارتفاع الطلب على القروض في ظل الأزمات الاقتصادية.
مثال عملي:
إذا اقترض بنك 100 مليون درهم من البنك المركزي بفائدة 2.25%، وأعاد إقراضها بفائدة 7%، فإن ربحه الصافي سيكون 4.75 مليون درهم سنويًا دون تحمل مخاطر السوق.


4. دور أسعار الفائدة في تعظيم أرباح البنوك المغربية

تُعد سياسة الفائدة المنخفضة لبنك المغرب أحد العوامل الرئيسية وراء أرباح البنوك المغربية غير المسبوقة. فبينما تحصل البنوك على تمويل منخفض التكلفة، ترفض تمرير هذه الميزة للمواطنين. بل على العكس، تشهد أسعار الفائدة على القروض ارتفاعًا مستمرًا، بينما تظل فائدة الادخار عند مستويات متدنية (حوالي 1.5% إلى 3% سنويًا). هذا الخلل يجعل المدخرين يفقدون القيمة الحقيقية لأموالهم بسبب التضخم، بينما تستفيد البنوك من الفارق.
رابط خارجي:


5. التحول الرقمي: أداة جديدة لتعزيز أرباح البنوك المغربية

ساهمت الاستثمارات في الخدمات المصرفية الرقمية في زيادة أرباح البنوك المغربية عبر خفض التكاليف التشغيلية. فأغلقت العديد من الفروع التقليدية وقلصت عدد الموظفين، معتمدًة على التطبيقات الإلكترونية والبطاقات الائتمانية. وقد أدى هذا إلى توفير 40% من النفقات التشغيلية، وفقًا لتقرير صادر عن اتحاد البنوك المغربية. لكن هذا التوجه أثار شكاوى متزايدة من سوء الخدمة وعدم توفر السيولة النقدية في فروع البنوك، خاصة خلال فترات الذروة مثل الأعياد.
مصدر خارجي:


6. التحديات التي تواجه المواطنين: بين القروض المرتفعة والادخار المُجحف

يعاني المواطن المغربي من سياسات تزيد من أرباح البنوك المغربية على حسابه. فالقروض الاستهلاكية أصبحت عبئًا ثقيلًا بسبب الفوائد المركبة، بينما لا تحمي حسابات الادخار من التضخم. والأسوأ هو ظاهرة “التسوية الضريبية” التي أجبرت المواطنين على إيداع أموالهم في البنوك لتجنب دفع ضرائب مرتفعة، مما وفر للبنوك سيولة إضافية استغلتْها في الإقراض بفوائد عالية.
مثال واقعي:
أُجبرت العديد من الأسر على إيداع مدخراتها في البنوك بعد فرض ضريبة 37% على الأموال غير المودعة، مما سمح للبنوك باستخدام هذه الأموال في عمليات إقراض تُدر عليها أرباحًا بمليارات الدراهم.


7. نصائح للمواطنين: كيف تحمي أموالك من استغلال البنوك؟

لتفادي الوقوع في فخ أرباح البنوك المغربية المرتفعة، يُنصح المواطنون بما يلي:

  1. استثمر بدلًا من الادخار: حوّل أموالك إلى استثمارات عقارية أو مشاريع صغيرة بدلًا من تركها في حسابات بفائدة هزيلة.
  2. تفاوض على شروط القروض: ابحث عن بنوك تقدم فائدة منخفضة، واستعن بمستشار مالي لفهم الشروط المخفية.
  3. استخدم البدائل الرقمية: وفر رسوم التحويل عبر استخدام محافظ إلكترونية مثل “CIH Bank” أو “الخدمات البنكية عبر الإنترنت”.
    رابط خارجي:

8. تأثير السياسات الحكومية على تعزيز أرباح البنوك المغربية

تُشكل السياسات الحكومية أحد العوامل الخفية وراء ارتفاع أرباح البنوك المغربية، حيث تعمل التشريعات المالية والضريبية على توجيه السيولة نحو القطاع المصرفي. ففي إطار مكافحة الاقتصاد غير المهيكل، فرضت الحكومة المغربية قيودًا صارمة على التعاملات النقدية الكبيرة، مما أجبر الأفراد والشركات على إيداع أموالهم في البنوك لتجنب عقوبات ضريبية قاسية. على سبيل المثال، قانون “التسوية الضريبية” لسنة 2024 سمح للمواطنين بتسوية وضعيتهم الضريبية مقابل دفع 5% من الأموال غير المصرح بها، بشرط إيداعها في حسابات بنكية. هذه الخطوة وفرت للبنوك المغربية سيولة هائلة تقدر بـ 1270 مليار درهم، استُخدمت في توسيع أنشطة الإقراض بفوائد مرتفعة.

من ناحية أخرى، تدعم الحكومة البنوك عبر سياسات بنك المغرب المركزي، مثل الحفاظ على سعر فائدة منخفض للتمويل (2.25%)، مما يسمح للبنوك بالاقتراض بثمن بخس وإعادة إقراض الأموال بأسعار تفوق 7%. بالإضافة إلى ذلك، تشجع الحكومة على التحول الرقمي عبر مبادرات مثل “المغرب الرقمي 2025″، مما يخفض تكاليف التشغيل ويرفع أرباح البنوك المغربية عبر تقليل الاعتماد على الفروع التقليدية.

مصادر خارجية:

إقرأ أيضا : طلب إغلاق حساب بنكي في المغرب: دليل شامل للإجراءات القانونية وحماية حقوق العملاء

الخاتمة

تُكشف التحليلات الواردة في هذا المقال عن مفارقة صارخة في القطاع المصرفي المغربي: أرباح البنوك المغربية التي تتجاوز نظيراتها الأوروبية بمراحل، لا تعكس بالضرورة قوة الاقتصاد المحلي بقدر ما تعكس اختلالات هيكلية في النظام المالي. فمن خلال استغلال الفجوة الكبيرة بين أسعار الفائدة على القروض والادخار، والاعتماد على سياسات حكومية توجّه السيولة نحو البنوك، تحوّلت هذه المؤسسات إلى ماكينة لصنع الأرباح على حساب المواطن الذي يُجبر على تحمّل فوائد مرتفعة وفوائد ادخار هزيلة.

لا يمكن إنكار دور التحول الرقمي في خفض التكاليف وزيادة الكفاءة، لكن هذا التوجه جاء على حساب جودة الخدمات وزيادة العبء على الموظفين والزبائن على حد سواء. كما أن القوانين الضريبية الأخيرة، مثل “التسوية الضريبية”، حوّلت البنوك إلى ملاذ آمن للأموال دون أن تُترجم هذه السيولة إلى استثمارات منتجة تُنعش الاقتصاد الحقيقي.

إن معالجة هذه الاختلالات تتطلب إصلاحات جذرية، منها:

  • مراجعة سياسات بنك المغرب لضمان عدالة توزيع الفوائد بين البنوك والمواطنين.
  • تشجيع الاستثمار خارج القطاع المصرفي عبر حوافز ضريبية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
  • تعزيز الشفافية في آليات حساب الفوائد والرسوم لتجنب الاستغلال.

في النهاية، تحقيق أرباح قياسية للبنوك ليس مؤشر نجاح إذا كان الثمن هو تفاقم الأعباء المالية على الأسر وتآخر التنمية الاقتصادية الشاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى